الحب في الله فالمرءُ مع مَن أحَب
** عن ابن عُمر رضي الله عنهمَا قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
" المرءُ مع مَن أحَب " رواه البخاري .
** وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه جاء رجلٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله كيف تقول في رجل أحبَّ قوماً ولم يلحق بهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " المرءُ معَ منْ أحبَّ " متفق عليه.
ونحن كمسلمين يجب أن نحث على محبة الرسل وإتباعهم؛ فإن المحبة دليل على قوة اتصال المحب بمن يحبه، واقتدائه به.
وأيضاً من أحب لله تعالى، فإن محبته من أعظم ما يقربه إلى الله؛ فإن الله تعالى شكور، يعطي المتقرب أعظم - بأضعاف مضاعفة - مما بذل، ومن شكر الله تعالى فإن الله يُلحقه بمن أحب، قال تعالى: { وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً } النساء69.
ولهذا قال أنس رضي الله عنه: "ما فرحنا بشيء فرحنا بقوله صلى الله عليه سلم : "المرءُ معَ منْ أحَب"
قال: فأنا أحبُ رسول اللهِ صلَّى الله عليْه سلم ، وأبا بَكر، وعُمر، فأرْجو أن أكُون معَهم".
وقال تعالى: { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ } الرعد23
وقال سبحانه: { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ }الطور21
تفسير الآية الثانية: والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم في الإيمان, وألحقنا بهم ذريتهم في منزلتهم في الجنة, وإن لم يبلغوا عمل آبائهم; لتَقَرَّ أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيُجْمَع بينهم على أحسن الأحوال, وما نقصناهم شيئًا من ثواب أعمالهم. كل إنسان مرهون بعمله, لا يحمل ذنب غيره من الناس. الطور21
وقال رسول صلى الله عليه سلم : "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"، "ومثل الجليس الصالح، كحامل المسك إما أن يَحْذيك وإما أن يبيعك، وإما أن تجد منه رائحة طيبة، ومثل الجليس السوء كنافخ الكِيْر إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة خبيثة".
وإذا كان هذا في محبة الخلق فيما بينهم، فكيف بمن أحب الله، وقدَّم محبته وخشيته على كل شيء؟
فإنه مع الله، وقد حصل له القرب الكامل منه وهو قرب المحبين، وكان الله معه. فقال تعالى:{ إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } النحل128.
*** الأخوّة في اللهْ ***
الأخوَّة في الله ، والحب في الله ، من أعظم شعائر الدين ، وقد جاء في كتاب الله تعالى ، وفي سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ، ما يبين ذلك ويوضحه بأحلى صور وأجمل العبارات ومنها :
قوله تعالى { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } الحجرات10 .
وقوله { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } آل عمران103.
وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ { ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ } رواه البخاري (16) ومسلم (43).